على بعد 16 كلم من بنزرت
يقع شاطئ راس أنجلة والحقيقة أن راس انجلة ليست شاطئا واحدا بل مجموعة من
الشواطئ و الأحواض البحرية المتجاورة والتي تبدأ من عين الداموس شمالا لتصل الى
كاب حمام جنوبا وبالتالي فلا يمكن اختزالها
في تلك البقعة الجغرافية المعروفة على نطاق واسع أو فصلها عن منطقة الغيران
التي تشكل بؤرة التجمعات السكنية.
من بنزرت الى راس انجلة أقل من عشرين كيلومترا لا تستهلك من
الزمن أكثر من 20 دقيقة عبر المعبد المؤدي ايضا الى بشاطر وهذا المسلك الذي يخترق
الهضاب وسهول القمح هو في حد ذاته فرجة بصرية ممتعة جدا قبل الاطلالة الساحرة من
أعلى الهضاب على غابة راس انجلة وعلى الأزرق الكبير واذا كان البعض يريد المغامرة
ويريد الذهاب كيلومترات أخرى أبعد من هذا المكان فانه لا خوف من نفاد البنزين اذ
في راس انجلة محطة للتزود بالوقود.
لا يمكن الحديث حقا في الذاكرة الجماعية عن قرية اسمها راس
أنجلة فالناس يعرفون منطقتهم باسم االغيران المحفورة أعلى الجبل وأما راس الملاك
(cap angela) فقد يكون سرديّة تاريخية لها علاقة بالحضور
المسيحي والأوروبي في هذه المنطقة التي شكلت باستمرار هدفا للقوى الاستعمارية
الراغبة في استغلال الثروات الطبيعية
والبحرية الهائلة التي تحوز عليها واذا كان الفرنسيون قد خسروا في أواسط القرن 18
تقريبا ميناءهم التجاري في كاب نيقرو فان احتلالهم للبلاد في 1881 سوف يسمح لهم
بوضع يدهم على كامل السواحل التونسية وسوف تكون أولى مشاريعهم انشاء قواعد بحرية وتجارية وتركيز منارات
لتأمين مراكبهم التجارية والعسكرية بعد دراسة هيدروغرافية سريعة وبرنامج واضح
انطلق منذ 1883.
في دراسة بعنوان "الاشارات البحرية في تونس (1881 -
1920) : أو منارات الحضور الكولونيالي" قدم جون كريستوف فيشو صورة عن الأشغال
التي قامت بها السلطات الاستعمارية حيث تم تدشين عدد من المنارات في جزيرة قورية
والجزيرة المنبسطة وقليبية والمنستير (1888) وسوسة والمهدية وكاب سيراط
وراس انجلة (1890) وبالتالي فعمر منارة راس انجلة هو 130 عاما .
عبر مسلك ترابي وحجري يكون الانطلاق الى شاطئ راس انجلة
والمسافة لا تتجاوز الكيلومتر والنصف يمكن قطعها سيرا على الأقدام في ربع ساعة
تقريبا أو في بضعة دقائق بالسيارة وهذا المسلك يمر في وسط الغابة التي تضم غطاء
نباتيا يتشكل من أشجار الصنوبر والأكاسيا والكلاتوس . في آخر الطريق لا بد من
الانعطاف يمينا للوصول الى الشاطئ والى النصب الذي دشن في ديسمبر 2014 (خريطة تونس) ويرمز الى أن راس أنجلة هي أعلى
نقطة في شمال القارة الافريقية.
يطل شاطئ راس انجلة على المنارة التي ترتفع
38 مترا فوق سطح البحر وهي منارة مربعة تصل اشارتها الضوئية الى 50
كيلومترا ومستغلة حاليا كمنشأة عسكرية
وبالتالي لا يمكن للعموم زيارتها لكن يمين شاطئ راس انجلة المعروف للكثيرين أحواض
بحرية صغيرة ساحرة يمكن الوصول اليها سواء عبر المسلك الرملي أو من فوق المرتفع
الصخري الممتد لمئات الامتار والذي يشرف على منظر بحري بديع حيث الزرقة اللامحدودة
صيفا والأمواج الهادرة شتاء.
راس انجلة اذن مكان
مناسب للنزهة العائلية أو للفسحة وممارسة مختلف الرياضات البحرية وهي أيضا شواطئ
محاطة بغطاء غابي وجبلي في عدد من الاماكن ، ولهواة المغامرة والرحلات الجماعية فليس ثمة أفضل من
السير الى شاطئ برمة القطران القريب (عين النصارى) أو شاطئ كاب حمام الذي لا يبعد
سوى كيلومترات قليلة وهما بلا منازع من أجمل شواطئ تونس.