في
14 نوفمبر 1891 قررت بلدية تونس إحداث
البلفدير على مساحة تقدر بـ 111 هكتارا وأسندت المهمة إلى الفرنسي جوزيف لافوركاد Joseph
Laforcade الذي سبق وأشرف على حدائق باريس الكبرى
ومنها حدائق الشان إليزيه وبوت شومون .
افتتح
البلفدير رسميا في 1910 بعد أن كبرت الأشجار واكتسب المنتزه غطاء نباتيا كثيفا
لكنه لم يكن فقط منتزها للطبقة البرجوازية الفرنسية والأوروبية وإنما مجموعة من
المعالم الأخرى البارزة منها حديقة الحيوانات والكازينو ومركز البريد أو فيلا
ماتيلد زوجة بورقيبة الأولى ، وأيضا المسبح البلدي.
مسبح
البلفدير الذي بني في ثلاثينات القرن الماضي في الزاوية الشمالية الشرقية من
البلفدير ، يطل على ساحة باستور عبر مدرجه الرخامي الأنيق الذي ينسجم مع التيارات
الهندسية الحديثة التي طبعت بدايات القرن العشرين والتي نجد تأثيراتها في تصميم
الكازينو الذي أشرف عليه المهندس الفرنسي جون إيميل رسبلاندي أو في البوابتين
الحديديتن للمنتزه وهما من تصميم الإيطالي جوزيف مانيسكالكو.
لا
يتجاوز طول هذا المسبح 33 مترا ما يجعله غير مؤهل لاحتضان المسابقات الرياضية
الدولية لكنه ظل لفترة طويلة مستغلا في مسابقات السباحة ومباريات كرة الماء ومر
منه أبطال وتدربت فيه فرق رياضية عديدة كما تم استغلاله لإقامة الحفلات والمناسبات
العائلية والتربوية قبل أن تتكالب عليه مطامع بعض اللوبيات المالية والعقارية أسوة
بالبلفدير ككل أو بملعب زويتن المجاور وتقرر بلدية تونس في 2014 إغلاقه ويسقط في
غبار الإهمال والتداعي كغيره من المباني التاريخية في المدينتين القديمة
والأوروبية.
ملف
المسبح فتح رسميا إثر الزيارة التي اداها رئيس الدولة بتاريخ 15 فيفري 2024 حيث
تقرر إعادة الحياة إلى هذا المعلم التاريخي بتمويل من أحد البنوك التجارية وإشراف
الهندسة العسكرية لتنتهي الأشغال في وقت قياسي بكلفة جملية ناهزت 18 مليون دينار.
وفي
تصريح لوكالة تونس افريقيا للانباء قال مدير المسبح سفيان بلعيد أن "أشغال
اعادة تهيئة المسبح رسمت لنفسها نقطة مرجعية وهي المحافظة على الطابع المعماري
الاصلي ونفس المكونات مع تعصيرها حتى تواكب المستجدات الراهنة على مستوى التجهيزات
والمرافق مشيرا الى ان المنشاة تتالف من مسبح رئيسي يتسع لـ350 سباحا، طوله 33م
وعرضه 20م ويتدرج عمقه من 0.9م الى 2.1م مع المحافظة على لوحات القفز وجعلها ذات
طابع ديكوري فقط واعادة تهيئة مسبح الاطفال حتى تتمكن كل العائلات الذي ترتاده من
الاستفادة من خدمات هذا المعلم.
واضاف
أنه بامكان الجمعيات الرياضية المختصة في السباحة الاستفادة من المسبح رغم انه غير
مطابق للمواصفات الاولمبية. وتابع بلعيد انه تمت اعادة صيانة حجرات الملابس واحدة
للرجال واخرى للنساء وثالثة لذوي الاحتياجات الخاصة مع تركيز أدواش عصرية مجهزة
بنظام الاقتصاد في الماء ووحدات لتسخين الماء وأخرى للتصفية الأوتوماتيكية من أجل
المحافظة على سلامة مياه المسبح.
وشملت
الاشغال ايضا ترميم المدارج بطاقة استيعاب 700 متفرج وبامكان المسبح وفق نفس
المصدر احتضان الحفلات مع تخصيص فضاء لعقود القران والعروض الثقافية والامسيات الشعرية
وإقامة مشرب خاص ضمن مكونات المشروع. كما تمت اعادة صيانة ملعب التنس بأرضية
اصطناعية ذات لون مميز متطابق مع لون المسبح حتى يكون منسجما مع الاطار العام
وسيكون متاحا على ذمة الاشخاص والجمعيات. وحول معدات السلامة التي تم تركيزها،
اشار بلعيد الى انه “تم تجهيز كل الفضاء بكاميراهات للمراقبة المستمرة مع وضع
بوابات الكترونية إذ لا يمكن لاي شخص الدخول للفضاء الا ببطاقة مغناطسية او سوار
الكتروني فضلا عن نظام للتنبيه من حالات الغرق يقع بموجبه الايقاف الفوري لنشاط
المسبح مع وضع تجهيزات السلامة من الحرائق في كل ارجاء المنشاة”.
واكد
مدير مسبح البلفدير ان المنشأة ستكون تابعة للبلدية في انتظار انهاء الاجراءات
القانونية حتى تكون مؤسسة عمومية ذات صبغة غير ادارية بما يمكن من الاعتناء بها
وتوفير افضل خدمات الصيانة والمحافظة على ديمومتها وتميز خدماتها.
المسبح البلدي بالبلفدير سيفتح أبوابه
للسباحين من شهر ماي الى موفى اكتوبر مع امكانية توسيع نشاطه باعتبار ان فرضية
تغطيته اوتوماتيكيا واردة وقد تم اعداد المواصفات الهندسية للقيام بذلك مستقبلا.
وسيستقبل المسبح العموم بنظام الحصتين، الاولى من الساعة التاسعة صباحا الى الساعة
الواحدة ظهرا، والثانية من الساعة الواحدة الى الساعة الرابعة بعد الظهر على ان
يكون سعر الحصة حوالي 12 دينارا".
وكانت
بلدية تونس،قد أعلنت في بلاغ أصدرته الخميس 24 أكتوبر 2024، أنّ المسبح سيستأنف
نشاطه بداية من غرّة نوفمبر القادم، لتنظيم العروض ذات الصبغة الثقافية وإبرام
عقود القران واستغلال ملعب التنس.
ودعت
البلدية الراغبين في استغلال المسبح إلى إيداع مطالبهم بصفة مباشرة بمكتب الضبط
المركزي بقصر البلدية بالقصبة أو عن طريق البريد مضمون الوصول على العنوان التالي:
قصر بلدية تونس شارع 2 مارس 1934 القصبة تونس.